الجمعة، 21 أغسطس 2009

هذي البلاد لم تعد كبلادي

نار نار نار قادها جويده في فؤادي حين قرأت تلك القصيدة
كم أنت معبر يا جويده

كم عشتُ أسأل : أين وجه بلادي؟
أين النخيلُ وأين دفء الوادي؟
لاشيء يبدو في السماءِ أمامنا
غيرُ الظلامِ وصوره الجلادِ
هو لا يغيبُ عن العيون كأنه
قدرٌ...كيوم البعثِ والميلادِ
قد عشتُ أصرخ بينكم وأنادي
أبني قصوراً من تِلال رمادِ
أهفو لأرضٍ لا تساوم فرحتي
لا تستبيحُ كرامتي...وعِنادي
أشتاقُ أطفالاً كحبات الندي
يتراقصون مع الصباح النادي
أهفو لأيامٍ تواري سحرها
صَخب الجيادِ..وفرحه الأعيادِ
اشتقتُ يوماً أن تعود بلادي
غابت وغِبنا...وانتهت ببعادي
في كل نجمٍ ضلَّ حلمٌ ضائعٌ
وسحابهٌ لبست ثيابَ حدادِ
وعلي المدي أسرابُ طيرٍ راحلٍ
نَسيَ الغناءَ..
فصارَ سربَ جرادِ
.............................................................................

هذي بلادٌ تاجرت في عرضها
وتفرقت شيعاً بكل مزادِ
لم يبقَ من صخب الجياد سوي الأسي
تاريخُ هذي الأرضِ بعضُ جيادِ
في كل ركنٍ من ربوع بلادي
تبدو أمامي صوره الجلادِ
لَمحوهُ من زمنٍ يضاجعُ أرضها
حَملت سِفاحاً فاستباحَ الوادي
لم يبقَ غيرُ صراخ أمسٍ راحلٍ
ومقابرِ سئمت من الأجدادِ
وعصابهٍ سرقت نزيف عيوننا
بالقهرِ..والتدليسِ..والأحقادِ
ما عادَ فيها ضوءُ نجمٍ شاردٍ
ماعادَ فيها صوتُ طيرٍ شادِ

تمضي بنا الأحزانُ ساخره بِنا
وتزورنا دوماً بلا ميعادِ
شيءٌ تكسرَ في عيوني بعدما
ضاقَ الزمانُ بثورتي وعِنادي
أحببتها حتي الثمالهَ بينما
باعَت صِباها الغضَّ للأوغادِ
لم يبقَ فيها غيرُ صبحٍ كاذبٍ
وصراخ أرضٍ ..
في لظي استعبادِ
..............................................................................

لا تسألوني عن دموع بلادي
عن حزنها في لحظه استشهادي
في كل شبرٍ من ثَراها صرخهٌ
كانت تهرولُ خلفنا وتُنادي
الأفقُ يصغرُ..والسماءُ كئيبهٌ
خلف الغيومِ أري جبالَ سوادِ
تتلاطمُ الأمواجُ خلف رؤو سنا
والريحُ تُلقي للصخورِ عَتادي
نامت علي الأفق البعيدِ ملامحٌ
وتجمدت بين الصقيعِ أيادِ
ورفعتُ كفّي قد يراني عابرٌ
فرأيت أمي في ثياب حِدادِ
أجسادنا كانت تعانقُ بعضها
كوداع أحبابٍ بلا ميعادِ
البحرُ لم يرحم براءه عمرنا
تتزاحمُ الأجسادِ..في الأجسادِ
حتي الشهادهُ راوغتني لحظهً
واستيقظت فجراً..
أضاءَ فؤادي
.................................................................................

هذا قميصي فيه وجهٌ بُنيتي
ودعاء أمي.."كيس"ملحٍ زادي
رُدّوا إلي أمي القميصَ فقد رأت
ما لا أري من غربتي ومُرادي
وطنٌ بخيلٌ باعني في غفلهٍ
حين اشترتهُ عصابه الإفسادِ
شاهدتُ من خلف الحدودِ مواكباً
للجوع تصرخُ في حِمي الأسيادِ
كانت حشود الموتِ تمرحُ حولنا
والعمرُ يبكي...والحنينُ ينادي
ما بين عمرِ فرَّ مني هارباً
وحكايهٍ يزهو بها أولادي
عن عاشقٍ هجر البلادَ وأهلها
ومضي وراءَ المالِ والأمجادِ
كلُّ الحكايه أنها ضاقت بنا
واستسلمت للصِّ والقوادِ

في لحظهٍ سكن الوجودُ تناثرت
حولي مرايا الموتِ والميلادِ
قد كان آخر ما لمحتُ علي المدي
والنبضُ يخبو...صوره الجلادِ
قد كانَ يضحكُ والعصابهُ حولهُ
وعلي امتداد النهرِ يبكي الوادي
وصرختُ...والكلماتُ تهرب من فمي :

هذي بلادٌ..
لم تعد كبلادي

فاروق جويده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق