الخميس، 31 ديسمبر 2009

التي سكنت البدرون

إهداء إلى كل مدون وإلى كل من حمل قلمه لينتقد دون مبالغةِ أو طلبِ لشهره


كنت قد اتخذت قرارا في أواخر الصيف الماضي الا أكتب من جديد ....فلقد كتبت وكتبنا وكتبوا كثيرا ...وماذا حدث أو جدَ لما انتقدت او انتقدوا؟ لا شيئ تقريبا يذكر ......أنا كما أنا وهم كما هم ولكن المشاكل والصعاب التي يكابدها السكان المصريون - ملسمون وأقباط - الذين يسكنون البدرون هي وحدها التي تتغير وللأسف للأسوأ. !؟

لذا قررت ألا أكتب ناقدا أو ساخرا وأن اقتصر فقط على كتابة محاضراتي - عشان أنجح - وللأ سف الشديد كانت المحاضرات المهمه موقعها الزمني في الفترة الأولى والتي يستحيل أن أتنيل على عيني كي أصحوا باكرا واروح المخروبة وبالتالي فقد فشلت في تدوين محاضراتي واقتصرت على تصويرها من أي بنت ذات خط جميل....... ولكن هيهات فأنا في قسم ميكانيكا وهو قسم للذكور فقط أو الاناث اللاتي وددن لو كانوا ذكورا أو الاناث اللاتي لا محل لهن من الإعراب :( ....!!!!!!!!!؟

فذهبت الى التدوين البيئي وكيفية الحصول على مصدر للطاقة المتجددة وقرأت ابحاثا كثيرة عن مدى امكانية استغلال الخشب كمصدر للغاز سريع الاشتعال او الماء وتحرير الهيدروجين منه او أو أو أو أو ..... وقررت جعلها ان شاء الله مشروع تخرجي لو وصلت لسنة رابعة ... وكان كل شيئ يسير على ما يرام إلى أن .......ذهبت إلى محطة مصر مقررا العودة الى بيتي واستقلال المشروع - ما يطلق عليه في القاهرة ميكروباص وفي الأرياف السرفيس - وفجأة وعند زريق بتاع الجبنة اللي في شارع باب عمر باشا وتحديدا في الشارع المجاور له وجدت المغول أو قل عليهم البهايم العجول يعثن في الأرض فسادا وسمعت نساءا تصرخ - يا ابني ده انا قد امك.. البضاعة اللي حيلتي.. الجبنة القديمة والمش - وتبكي بكاء من فقد الولد والراعي ........ وآخر ينظر نظرة التوسل -المعروفة في الأفلام حين يدخل الباشا بتاع أمن الدولة اللي بيعذب ويمسك اللي بيعذبه ويسلخه - نظرة توسل بألا يفعل .. نظرها واحد كان بيبيع يوسف أفندي - يوستفاندي - لضابط الإزاله وحاشيته -سامحها الله- ذكروني وهم يحملون بضائع الناس بأنهم تتر دخلو المدن وجعلوا أعزة أهلها أذلة - وكذلك يفعلون - أخذوا كل شيئ إلا من كان فهلويا ولمحهم من بعيد او شم ريحتهم فجرى مع ما يملك او ما استطاع ان يحمله ....... وأصبح الشارع خاليا اللهم إلا من عٌرش بعض السفندي بتاع الراجل الطيب ........ نظرت الى الشارع الذي جاءت له الإزالة وجدته لا تمر به سيارة ... فلماذا الإزالة ؟ قلت يا واد فاكس سيبك منهم انت حتعرف اكتر من الحكووومة ؟ ولكن استوقفني صوت صاحب السفندي وهو يقول ليه كده يا بلد رضينا بالغلب فيكي وأنتي ما رضيتيش بينا!!!!!!!!!!!!!!!!؟

مش عارف ليه وقفت
يمكن عشان المدونة أسمها ليه كده بس يا مصر؟
ولا عشان طلعت بحُرقة من فقد قوت يومه؟
ولا يمكن عشان بكاء الفلاحات العذارى وأمهم وقد فقدوا سمنهم وزبدهم و-لا مؤاخذة - بيضهم البلدي ؟

وقتها فقط أحسست وكأن شاكوشا طرق مسمارا على يمنى رجل يصلب تألم فقبض على يده التي تمنى أنها لم تكن يوما له يد.

تذكرت صورة أحمد ناجي وذاك القلم الرصاصة والدم والتهمة التي تمشي بلا قدم
تذكرت أحاداثا لم أدونها وما لا يدون لا يتذكره التاريخ ولو ذكره لكانت روايته ضعيفه
تذكرت حادثة العياط والدويقة وحريق ستوديو مصر وحريق المنشية وتذكرت وتذكرت كلها دونت وشهد عليها القلم

عدت الى نزلي وفعلت ما فعلت من أكل وشرب و....;) .. جائت لحظة النوم ولكن هيهات هيهات ويكأن السرير والمخدة والوسادة المساعدة -اللي هي مراتي لغاية ما اتجوز - قد تآمروا عليا جميعا ليقتلوني أو يثخنوني ويمكرون بي مكر ثعلب داهية ويذكروني بما حز نفسي من عويل نساء وذل رجال

ذكروني ببائع السفندي وبائع تلك الألعاب التي لا تشغل اساسا حيزا من فراغ الرصيف في المنشية وكيف كان يلعب بتلك الكتاكيت الصينية حتى جاء همجنا وسلبوها منه عنوة وكيف انه تكسر بعضها.......ذكروني ببائع الشنط اللي على أول الهانوفيل عند مستودع الانابيب.......ذكروني بالرجل الطيب بائع البلطي الصغير في محطة مصر ذاك العجوز الذي ان لم يبعهم يشويهم ويأكلهم حتى اليوم التالي.

ذكروني وذكروني وذكروني
ويا لذل الرجال .......ويا لدمع العيال حين يفقد العائل بضاعته ........ويا لاستغاثة نسوة الأرياف التي تدمي القلوب.

تذكرت اننا كلنا في سفينة واحدة تحمل مجتمعنا ، إن أحس احد افراده بأنه غير مرغوب فيه على السفينة خرقها قالوا اخرقتها لتغرق أهلها قال نعم وهم لي قد أرادوا ما أردته أنا لهم ،على رأي المثل ( يا نعيش عيشة فل يا نموت احنا الكل ) ولا ايه ؟

إن هؤلاء الذين سكنوا البدرون هم أناس مثلنا ولكنهم أحسوا بالتهميش الغير طبيعي لهم ويكانهم غير مرغوب بهم، ولتنظر اليهم تارة حين كنت بشد- عفوا - بأقرأ اصطباحة بلال فضل في الاوتوبيس وكان بجواري رجل ظهرت عليه امارات من سكن البدرون وكان يختلس النظر والقراءة حتى ناولته الاصطباحة - عفوا - الجريدة ليقرأها ويا لهيئته وهو يضحك عليها - او قل يسخر من نفسه ومن عيشته- او قل فرحته لأن هناك أناس من الطبقة التي تعيش فوق الارض يكتب عن من سكن البدرون- فلقد كانت تلك الاصطباحة بمثابة رسالة وجهها له بلال فضل بأنك لست مهمش ، نعم هناك من يهتم لك ولأمرك حتى ولو كان ساخرا - ليس منك ولكن ممن أودى بك لهذا - هذا نوع من فش الغل في اناس لم يستطع من سكن البدرون فش غله فيهم. وكما قالها جمال بخيت على لسانهم ( وأنا صوتي مش مسموع ) .!؟

لذلك ومن احتكاكي الذي أحسبه هينًََا بهؤلاء قررت أن أنقل لكم - وأنا لا أشبه نفسي بذاك الجهبذ بلال فضل أو عمر طاهر -أن انقل لكم يا من أحسبكم مثقفين أو مشاريع مثقفين كيف يعيش هؤلاء وكيف أنهم - كما فيهم اللي بيثبت ويسرق الموبايلات والشنط - فينا الذي يسرق المليارات ويحتكر الصناعات ويبذر أمواله على فحش ونزوات.

فهم فيهم كما فينا من مثقفين ومشايخ وقساوسة وعلماء وعمال لا يأكلون الا من عرق جبينهم ولا يدخلوا اللقمة الحرام افواه عيالهم
وفيهم كما فينا سكارى ومُخَدَرِِين وبائعات هوىًَ أتخذن من الفقر ذريعة لإرضاء شهوتها في تجربة الحرام ثم ما لبثت أن عشقته وأدمنته.
ولعمري كم أن تلك الاخيرة مثالا لتلك الأم أو قل الامة التي سكنت البدرون... والحدق يفهم

هناك 5 تعليقات:

  1. بسجل إعجابي بالبوست ده بجد
    و إن شاء الله أتسلى في المدونة و أقرا بقيتها
    ان شاء الله في أقرب وقت
    :)

    ردحذف
  2. كلام يوجع القلب بجد يايوسف..
    كنت كتبت حاجة زي كده من فترة على البلوج عندي برضو.. مجرد مشاهدة اللي بيحصل يخلي الواحد دمه يفور.. ومجرد إنك تشوف الناس اللي واقفة تتفرج يخليك تحس إنك مش من البلد دي!!

    ردحذف
  3. شكرا جدا واسف على التاخير في الرد بس غصب عني

    شرف ليا ان كتاباتي المتواضعة تعجبكم
    :))))))

    ردحذف
  4. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف